الأشراف القضائي على الانتخابات المصرية من وجهة نظر مختلفة مع
الواقع المعاش
بقلم
اشرف مشرف المحامي
هلل الكثيرين منا لأشراف القضاة في مصر على الانتخابات بل وطالب
في التوسع فيها والأشراف الكامل للقضاة عليها بل أن القضاة أنفسهم في اجتماع ناديهم
الأخير هددوا بعدم الأشراف على انتخابات رئيس الجمهورية ما لم يتوفر لهم الأشراف
الكامل على الانتخابات
ولكن لو نظرنا للموضوع نظرة أكثر تعمقا لتبين أن السبب في
تهليل الجميع لأشراف القضاة هو أن القاضي سيكون محايدا في إدارته للانتخابات وذلك
لما له من حصانة تمنحها له وظيفته
ولكن بما أننا لم نخترع الديمقراطية أو حتى نعيد اختراعها بل هي
مستوردة بالكامل فبالتالي فأن مسألة الانتخابات والأشراف عليها يجب أن ننظر فيها
إلى الدول الأكثر عراقة في الديمقراطية لنرى كيف يشرفون ويديرون انتخاباتهم فمثلا
الولايات المتحدة الأمريكية وهي على رأس الدول الديمقراطية نجد أن القضاة هناك لا
يشرفون على الانتخابات بل حتى الهند وهي دولة من دول العالم الثالث مثلنا وظروفها
لا تختلف كثيرا عنا لا يشرف أيضا القضاة فيها على
الانتخابات
أن كلا من الدولتين الذين اتخذناهم مثالا يشرف على الانتخابات
فيها هيئة رسمية مستقلة مكونة من موظفين عملهم الوحيد هو حصر الجداول
الانتخابية وتنقيتها والأشراف على الانتخابات ويتمتع أعضاء هذه الهيئة بحصانة
كاملة وبالتالي لا يشكك في أعمال هذه الهيئات احد ولا توصف الانتخابات التي تجرى في
كلا الدولتين بأنها انتخابات مزورة
وأنا أرى أن مصر بظروفها الحالية تحتاج إلى مثل هذه الهيئة
المستقلة للأشراف على أي انتخابات تجرى والبعد تماما عن إشراك القضاة في الأشراف
على الانتخابات وذلك للأسباب التالية:
أولا أن الجهاز القضائي وظيفته الأساسية هو تحقيق العدالة
من خلال نظر القضايا التي تعرض وإصدار إحكام فيها وليس من وظائفه الأشراف على
الانتخابات وان إقحام مسألة الانتخابات هو بمثابة إقحام للجهاز القضائي في مجال لم
ينشئ الجهاز القضائي من اجله أساسا
ثانيا : تشهد محاكم مصر تراكم في القضايا وتأجيلات متوالية وبطأ
في إصدار الأحكام والسبب في ذلك هو قلة عدد القضاة لدرجة استدعت من المشرع رفع سن
المعاش مرات متتالية حتى يحافظ على العدد الموجود وبالرغم من رفع سن المعاش
إلا أن الأزمة مازالت موجودة ومازال العدد لا يتناسب مطلقا مع النمو المضطرد في
أعداد القضايا فبدلا من إيجاد حل لهذا المشكل يضاف عبئ جديد على القضاة
والمتقاضين وهو التأجيلات الانتخابية بعد أن أصبح القضاة يشرفون على كل وأي
انتخابات في مصر بدأ من انتخابات رئيس الجمهورية نزولا إلى انتخابات اصغر مركز شباب
أو جمعية في مصر , وبالتالي لا يمر أسبوع إلا وتجد تأجيلا ما في محكمة ما
بسبب أن القاضي كان يشرف على انتخابات ما
لكل ذلك فان إنشاء هيئة قومية للأشراف على الانتخابات على غرار
المجلس القومي لحقوق الإنسان وتكون رئاسته لشخصية عامة وتكون عضوية هذه الهيئة
لشباب الخريجين الذين يعانون من البطالة ولن تكلف الهيئة الجديدة الدولة شيئا
لأن مرتبات موظفيها ستكون من المبالغ التي كان يتقاضاها القضاة كبدلات عن قيامهم
بالأشراف على الانتخابات
أن هيئة مثل هذه لو أنشئت وخصصت فقط للأشراف على أي انتخابات تحدث
في مصر ستكون حل لأكثر من مشكلة في خطوة واحدة فهي ستزيح عن كاهل القضاء عبئ يعطله
عن أداء رسالته الأساسية والسامية وتتيح له التفرغ الكامل لعملهم الأساسي وهو
نظر القضايا وإصدار الأحكام
وكذلك تتيح لشباب الخريجين فرص عمل كثيرة وكذلك توصل رسالة
للدول الغربية أن مصر قد قطعت شوطا لا بأس به في مجال الديمقراطية بإنشائها هيئة
شبيهة بالهيئات المنشئة في الدول الغربية
نشر هذا المقال بجريدة الأفوكاتو المصرية بتاريخ
10/7/2005
واعيد نشره مره اخرى في جريدة شباب مصر بتاريخ
2/8/2005